تفريغ فوائد رمضانية رقم (39)
♦️للشيخ أبي محمد عبد الحميد الحجوري الزعكري حفظه الله
*فائدة عن : ملازمة الطاعة حتى يأتي اليقين.
📋الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد: جزى الله الشيخ أبَا زيد خير الجزاء على هذه الموعظة البليغة التي حثنا فيها على ملازمة الطاعة حتى يأتينا اليقين.
⏮وهذا والله هو الأمر الذي ينبغي ألا نغفل عنه؛ لأن الأعمال بالخواتيم، والإنسان يثنى عليه في شؤونه الدنيوية، أو الأخروية بآخر عمله، أو يذكر في جميع شأنه النبوي، والأخروي بآخر عمله.
🔁والذي يهمنا أن نلقى الله عز وجل بصالح العمل حيث نلقاه وهو راض عنا.
⏪ انظر إلى يوسف عليه السلام نبي كريم بل هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم، ابن خليل الله، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه [لما سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : من أكرمُ الناسِ؟ قال: (أتقاهم للهِ) . قالوا: ليس عن هذا نسألكَ، قال: (فأكرمُ الناسِ يوسفُ نبيُّ اللهِ، ابنُ نبيِّ اللهِ، ابنُ نبيِّ اللهِ، ابنُ خليلِ اللهِ) . قالوا: ليس عن هذا نسألكَ، قال: (فعن معادنِ العربِ تسألونني؟ الناسُ معادنُ، خيارهم في الجاهليةِ خيارهم في الإسلامِ، إذا فَقِهُوا].
🔁لتسلسله بالنبوة، والرسالة، ولتسلسله بهذا الشرف العظيم، رسول ابن رسول ابن رسول، ومع ذلك يقول: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}.
⏮ حرص كل الحرص أن تكون نهايته بالعمل الصالح مع أنه من المسلمين، ومن ذروة أهل الإسلام في حينه.
🔁وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص كل الحرص على أصحابه في هذا الأمر، فيأمرهم بالعمل اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له، ويأتيهم بأحاديث القدر، ويقول إنما الأعمال بالخواتيم، ويبعث كل عبد على ما مات عليه.
⏪ وطبق في نفسه ذلك تطبيقًا بليغًا فقبل موته بخمس خرج إلى أُحد كالمودع للأحياء، والأموات، ثم رقى المنبر وجعل يعظهم، ويوجههم.
⏮ وعند موته لم تفته لحظه إلا وهو يحرص صلى الله عليه وسلم على الخير للأمة، ولنفسه أما الأمة فإنه كان إذا اغتم كشف عن وجه ثم يقول لعنة الله على اليهود، والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا.
🔁وأما على نفسه فإنه لما رأى السواك نظر إليه ففهمت عائشة أنه يريده فأخذته، وقضمته، وطيبته، ثم ناولته فاستاك سواكًا عظيمًا، جميلًا، ثم جعل يقول: (في الرفيق الأعلى- في الرفيق الأعلى) قالت عائشة رضي الله عنها فعلمت أنه يُخير، ولن يختارنا.
⏪فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم حرص كل الحرص على أن يأتيه اليقين، وهو على طاعة الله عز وجل، مع أنه في طاعة من قبل، ومن بعد.
⏮وحرص كل الحرص أن يوجهنا، ويعلمنا حتى في هذا الوقت الحرج بل طبق هذا في غيره، دخل على رجل يهودي - في الغالب أن بعض الناس قد لا يتفطن لهذا الأمر - والنبي صلى الله عليه وسلم زاره، ووجده في النزع قبل أن يغرغر طبعًا فدخلَ عليهِ وأبوهُ قاعدٌ عندَ رأسِهِ فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : يا فلانُ، قل: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فنظرَ إلى أبيهِ، فسَكَتَ أبوهُ، فأعادَ عليهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فنظرَ إلى أبيهِ، فقالَ أبوهُ: أطِع أبا القاسِمِ، فقالَ الغُلامُ:: أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّكَ رسولُ اللَّهِ، فخرجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهوَ يقولُ: الحمدُ للهِ الَّذي أخرجَهُ منِ النَّارِ》
⏪ولما مرض عمه أبو طالب ذهب يعوده، ويدعوه إلى لا إله إلا الله، لكنه أبى أن يقول لا إله إلا الله وقال هو على ملة عبد المطلب.
⏮ولما مرض الأنصاري دخل عليه وقال: ياعم قل لا إله إلا الله. قال: أقول لا إله إلا الله خير لي. قال: نعم، فالنبي صلى الله عليه وسلم حريص أن يبقى الإنسان على طاعة حتى يلقى الله.
🔁بل في حديث أبي عبدالله الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي خذ من شاربك، ثم أقره حتى تلقاني، فما زال أبو عبدالله ممثل لهذا الهدي منتظرًا للقاء رسول الله صلى عليه وسلم مع أنه كان متخوف من حديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم: [دُعِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جنازةِ صبيٍّ من الأنصارِ . فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ! طُوبى لهذا . عصفورٌ من عصافيرِ الجنةِ ! لم يعملِ السُّوءَ ولم يُدرِكْه . قال " أو غيرَ ذلك، يا عائشةُ ! إنَّ اللهَ خلق للجنةِ أهلًا . خلقَهم لها وهم في أصلابِ آبائِهم . وخلق للنارِ أهلًا . خلقَهم لها وهم في أصلابِ آبائِهم].
⏪أو الحديث قال هذه للجنة ولا أبالي، وهذه للنار ولا أبالي.
⏮ فلنحرص أيها الأخوة موعظة سمعناها جميلة جليلة وافقت ما في النفس موعظة لنا قبل غيرنا، فإن الإنسان لا يكون حظه مثل حظ اليهود، والنصارى.
🔁اليهود والنصارى ضرب لهم نبينا صلى الله عليه وسلم مثلًا كما في حديث أبي موسى وجاء بنحوه عن ابن عمر: [ وإنَّما مَثَلُكم ومَثَلُ اليهودِ والنَّصارى كرجُلٍ استعمَل عُمَّالًا فقال: مَن يعمَلُ لي إلى نصفِ النَّهارِ على قيراطٍ قيراطٍ؟ قال: فعمِلَتِ اليهودُ إلى نصفِ النَّهارِ على قيراطٍ قيراطٍ ثمَّ قال: مَن يعمَلُ لي مِن نصفِ النَّهارِ إلى صلاةِ العصرِ على قيراطٍ قيراطٍ؟ قال: فعمِلَتِ النَّصارى مِن نصفِ النَّهارِ إلى صلاةِ العصرِ على قيراطٍ قيراطٍ قال: ثمَّ أنتم الَّذينَ يعمَلونَ مِن صلاةِ العصرِ إلى مغارِبِ الشَّمسِ على قيراطَيْنِ قيراطَيْنِ قال: فغضِبَتِ اليهودُ والنَّصارى وقالوا: نحنُ كنَّا أكثَرَ عمَلًا وأقلَّ عَطاءً قال: هل ظلَمْتُكم مِن حقِّكم شيئًا؟ قالوا: لا قال: فإنَّه فضلي أوتيه مَن أشاءُ 》.
⏪فكان النصر والعز لأهل الإسلام أنهم عملوا حتى انتهت هذه الحياة، وانتقلوا إلى حياة أخرى.
⏮بينما اليهود عملوا وانقطعوا، والنصارى عملوا وانقطعوا فما استفادوا؛ لأن العمل بالخواتيم، وأخونا أبو زيد قد نفع الله به، وبمؤلفاته، وخطبه في اليمن، وفي وخارج اليمن، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا.
🔁ووالله إننا لنفرح حين نرى من أقبل الله عز وجل بقلبه على العلم، وفرغه لذلك، فالأمر له؛ لأن هذا هو الذي يُبصر به دين الإسلام.
والحمدلله رب العالمين.
🔊وكانت في مسجد الصحابة رضوان الله عليهم.
⬅️في محافظة المهرة مدينة الغيضة حرسها الله.
📆الثلاثاء 20/رمضان/ 1439 هجرية.